الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: سيرة ابن هشام المسمى بـ «السيرة النبوية» **
قال ابن إسحاق : وكان مما قيل من الشعر في يوم أحد ، قول هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عبد بن عمران بن مخزوم قال ابن هشام : عائذ : ابن عمران بن مخزوم : ما بال همٍّ عميد بات يطرقني * بالودّ من هند إذ تعدو عواديها باتت تعاتبني هند وتعذلني * والحرب قد شغلت عني مواليها مهلا فلا تعذليني إن من خلقي * ما قد علمت وما إن لست أخفيها مساعفٌ لبني كعب بما كلفوا * حمَّال عبءٍ وأثقالٌ أعانيها وقد حملتُ سلاحي فوق مشترف * ساطٍ سبوحٍ إذا تجري يباريها كأنه إذ جرى عير بفدفدة * مكدِّمٌ لاحقٌ بالعون يحميها من آل أعوج يرتاح الندى له * كجذع شعراء مستعل مراقيها أعددته ورقاق الحدِّ منتخلا * ومارِنا لخطوبٍ قد ألاقيها هذا وبيضاء مثل النهى محكمة * نيطت عليَّ فما تبدو مساويها سقنا كنانة من أطراف ذي يمن * عرض البلاد على ما كان يزجيها قالت كنانة : أنَّى تذهبون بنا ؟ * قلنا : النخيل ، فأمُّوها ومن فيها نحن الفوارس يوم الجر من أحد * هابت معد فقلنا نحن نأتيها هابوا ضرابا وطعنا صادقا خذما * مما يرون وقد ضمَّت قواصيها ثمت رحنا كأنا عارض برد * وقام هام بني النجار يبكيها كأن هامهم عند الوغى فِلَقٌ * من قيض ربدٍ نفته عن أداحيها أو حنظل ذعذعته الريح في غصن * بالٍ تعاوره منها سوافيها قد نبذل المال سحَّاً لا حساب له * ونطعن الخيل شزرًا في مآقيها وليلةٍ يصطلى بالفرث جازرها * يختصُّ بالنقرى المثرين داعيها وليلةٍ من جمادى ذاتِ أنديةٍ * جَرْبَاً جماديَّةٍ قد بِتُّ أسريها لا ينبح الكلب فيها غير واحدة * من القَريس ولا تَسري أفاعيها أوقدت فيها لذي الضَّرَّاء جاحمة * كالبرق ذاكيةَ الأركان أحميها أوثني ذاكم عمروٌ ووالدُه * من قبله كان بالمثنى يغاليها كانوا يبارون أنواء النجوم فما * دنت عن السورة العليا مساعيها قال ابن إسحاق : فأجابه حسَّان بن ثابت ، فقال : سقتم كنانة جهلا من سفاهتكم * إلى الرسول فجند الله مخزيها أوردتموها حياض الموت ضاحية * فالنار موعدها ، والقتل لاقيها جمَّعتُموها أحابيشاً بلا حسبٍ * أئمَّة الكفر غرَّتكم طواغيها ألا اعتبرتم بخيل الله إذ قتلت * أهل القليب ومن ألقينه فيها كم من أسير فككناه بلا ثمن * وجزَّ ناصيةٍ كنا مواليها قال ابن هشام : أنشدنيها أبو زيد الأنصاري لكعب بن مالك : قال ابن هشام : وبيت هبيرة بن أبي وهب الذي يقول فيه : وليلة يصطلى بالفرث جازرها * يختص بالنقرى المثرين داعيها ويروى لجنوب ، أخت عمرو ذي الكلب الهذلي ، في أبيات لها في غير يوم أحد . قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك يجيب هبير بن أبي وهب أيضاً : ألا هل أتى غسان عنا ودونهم * من الأرض خرق سيره متنعنع صحار وأعلام كان قتامها * من البعد نقع هامد متقطع تظل به البزل العراميس رزحاً * ويخلو به غيث السنين فيمرع به جيف الحسرى يلوح صليبها * كما لاح كتان التجار الموضع به العين والآرام يمشين خلفه * وبيض نعام قيصنه يتقلَّع * مجالدنا عن ديننا كل فخمة * مدرَّبة فيها القوانس تلمع وكل صموت في الصوان كأنها * إذا لُبست نهَيٌ من الماء مترع ولكن ببدر سائلوا من لقيتم * من الناس والأنباء بالغيب تنفع وإنا بأرض الخوف لو كان أهلها * سوانا لقد أجلوا بليل فأقشعوا إذا جاء منا راكب كان قوله * أعدوا لما يزجي ابن حرب ويجمع فمهما يهم الناس مما يكيدنا * فنحن له من سائر الناس أوسع فلو غيرنا كانت جميعا تكيده البرية * قد أعطوا يدا وتوزعوا نجالد لا تبقى علينا قبيلة * من الناس إلا أن يهابوا ويفظعوا ولما ابتنوا بالعرض قال سراتنا * علام إذا لم تمنع العرض نزرع وفينا رسول الله نتبع أمره * إذا قال فينا القول لا نتطلع تدلىَّ عليه الروح من عند ربه * ينزَّل من جو السماء ويرفع نشاوره فيما نردي وقصرنا * إذا ما اشتهى أنا نطيع ونسمع وقال رسول الله لما بدوا لنا * ذروا عنكم هول المنيَّات واطمعوا وكونوا كمن يشرى الحياة تقرباً * إلى ملك يحيا لديه ويرجع ولكن خذوا أسيافكم وتوكلوا * على الله إن الأمر لله أجمع فسرنا اليهم جهرة في رحالهم * ضحيا علينا البيض لا نتخشَّع بملمومة فيها السَّنَورُّ والقنا * إذا ضربوا أقدامَها لا تَوَرَّع فجئنا إلى موج من البحر وسطه * أحابيس منهم حاسر ومقنَّع ثلاثة آلاف ونحن نَصِيَّةٌ * ثلاث مئينٍ إن كثرنا وأربع نغاورهم تجري المنية بيننا * نشارعهم حوض المنايا ونشرع تهادى قسيُّ النبع فينا وفيهم * وماهو إلا اليثربي المقطَّع ومنجوفة حرميَّة صاعدية * يذرُّ عليها السَّمّ ساعة تصنع تصوب بأبدان الرجال وتارة * تمر بأعراص البصار تقعقع وخيل تراها بالفضاء جراد كأنها * صبا في قوة يتريع فلما تلاقينا ودارت بنا الرحى * وليس لأمر حمه الله مدفع ضربناهم حتى تركنا سراتهم * كأنهم بالقاع خشب مصرع لدن غدوة حتى استفقنا عشية * كأن ذكانا حر نار تلفع ورحنا وأخرانا بطاء كأننا * أُسودٌ على لحم ببيشة ظلع فنلنا ونال القوم منا وربما * فعلنا ولكن ما لدى الله أوسع ودارت رحانا واستدارت رحاهم * وقد جعلوا كل من الشر يشبع ونحن أناس لا نرى القتل سبة * على كل من يحمي الزمار ويمنع جلاد على ريب الحوادث لا نرى * على هالك عينا لنا الدهر تدمع بنو الحرب لا نعيا بشيء نقوله * ولا نحن مما جرت الحرب نجزع بنو الحرب إن نظفر فلسنا بفحش * ولا نحن من أظفارها نتوجع وكنا شهابا يتقي الناس حره * ويفرح عنه من يليه ويسفع فخرت على ابن الزبعرى وقد سرى * لكم طلب من آخر الليل متبع فسل عنك في عليا معد وغيرها * من الناس من أخزى مقاما وأشنع ومن هو لم تترك له الحرب مفخرًا * ومن خده يوم الكريهة أضرع شددنا بحول الله والنصر شدةً * علكيم وأطراف الأسنَّة شرع تكر القنا فيكم كأن فروعها * عزالى مزدا ماؤها يتهزع عمدنا إلى أهل اللواء ومن يطر * بذكر اللواء فهو في الحمد أسرع فخانوا وقد أعطوا يداً وتخاذلوا * أبى الله إلا أمره وهو أصنع قال ابن هشام : وكان كعب بن مالك قد قال : مجالدنا عن جذمنا كل فخمة * فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيصلح أن تقول : مجالدنا عن ديننا ؟ فقال كعب : نعم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فهو أحسن ؛ فقال كعب : مجالدنا عن ديننا . قال ابن إسحاق : وقال عبدالله بن الزبعرى في يوم أحد : يا غراب البين اسمعتَ فقل * إنما تنطق شيئاً قد فعل إن للخير وللشر مدى * وكلا ذلك وجه وقبل والعطيات خساس بينهم * وسواء قبر مثرٍ ومقل كل عيش ونعيم زائل *وبنات الدهر يلعبن بكل أبلغن حسَّان عني آية * فقريض الشعر يشفي ذا الغلل كم ترى بالجر من جمجمة * وأكف قد أُتِرَّت ورجل وساربيلَ حسَّانَ سُرِيَتْ * عن كُماة أهلكوا في المنتزل كم قتلنا من كريم سيد * ماجد الجدين مقدام بطل صادق النجدة قرم بارع * غير ملتاث لدى وقع الأسل فسل المهراس من ساكنه ؟ * بين أقحاف وهام كالحجل ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الحزرج من وقع الأسل حين حكَّت بقباءٍ بركها * واستحرَّ القتل في عبد الأشل ثم خَفوُّا عند ذاكم رُقَّصاً * رقص الحفَّان يعلو في الجبل فقتلنا الضعف من أشرافهم * وعدلنا ميل بدر فاعتدل لا ألوم النفس إلا أننا * لو كررنا لفعلنا المفتعل بسيوف الهند تعلوا هامهم * عَلَلاً تعلوهم بعد نهل فأجابه حسَّان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه : قال : ذهبت يا ابن الزبعرى وقعة * كان منا الفضل فيها لو عَدَل ولقد نلتم ونلنا منكم * وكذاك الحرب أحيانا دول نضع الأسياف في أكتافكم * حيث نهوى عللاً بعد نهل نخرج الأصبح من أستاهكم *كسلاح النِّيب يأكلن العصل إذ تولُّون على أعقابكم * هُرَّباً في الشِّعب أشباه الرسل إذ شددنا شدة صادقة * فأجأناكم إلى سفح الحبل بخناطيل كأمذاق الملا * من يلاقوه من الناس يهل ضاق عنَّا الشِّعب إذ نجزعه * وملأنا الفرط منه والرجل برجال لستم أمثالهم * أُيِّدُوا جبريل نصراً فنزل وعلونا يوم بدر بالتقى * طاعة الله وتصديق الرسل وقتلنا كل رأس منهم * وقتلنا كل جحجاح رفل وتركنا في قريش عورة * يوم بدر وأحاديث المثل ورسول الله حقاً شاهد * يوم بدر والتنابيل الهبل في قريش من جموع جمعوا * مثل ما يجمع في الخصب الهمل نحن لا أمثالكم وُلْدَ استها * نحضر الناس إذا البأس نزل قال ابن هشام : وأنشدني أبو زيد الأنصاري : (وأحاديث المثل) والبيت الذي قبله . وقوله : في قريش من جموع جمعَّوا عن غير ابن إسحاق . قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك : يبكي حمزة بن عبدالمطلب ، وقتلى أحد من المسلمين نَشجْتَ وهل لك من منشجِ * وكنت متى تذكر تلجج تذكُّر قومٍ أتاني لهم * أحاديث في الزمن الأعوج فقلبك من ذكرهم خافق * من الشوق والحزن المنضِج وقتلاهم في جنان النعيم * كرام المداخل والمَخرَج بما صبروا تحت ظلّ اللِّواء * لواء الرسول بذي الأضوج غداة أجابت بأسيافها * جميعا بنو الأوس والخزرج وأشياع أحمد إذ شايعوا * على الحق ذي النور والمنهج فما برحوا يضربون الكماة * ويمضون في القسطل المرهج كذلك حتى دعاهم مليك * إلى جنة دوحة المولج فكلهم مات حر البلاء * على ملة الله لم يحرج كحمزة لما وفى صادقا * بذي هبة صارم سلجج فلاقاه عبد بني نوفل * يبربر كالجمل الأدعج فأوجره حربة كالشهاب * تلهب في اللهب الموهج ونعمان أوفى بميثاقه * وحنظلة الخير لم يحنج عن الحق حتى غدت روحه * إلى منزل فاخر الزبرج أولئك لا من ثوى منكم * من النار في الدرك المرتج فأجابه ضرار بن الخطاب الفهري فقال أيجزع كعب لأشياعه * ويبكي من الزمن الأعوج عجيج المذكي رأي إلفه * تروح في صادر محنج فراح الروايا وغادرنه * يعجعج قسرا ولم يحدج فقولا لكعب يثني البكا * وللنيء من لحمه ينضج لمصرع إخوانه في مكرٍّ * من الخيل ذي قسطل مرهج فيا ليت فهرا وأشياعه * وعتبة في جمعنا السورج فيشفوا النفوس بأوتارها * بقتلى أصيبت من الخزرج وقتلى من الأوس في معرك * أصيبوا جميعا بذي الأضوج ومقتل حمزة تحت اللواء * بمطرد مارن مخلج وحيث انثنى مصعب ثاويا * بضربة ذي هبة سلجج بأحد وأسيافنا فيهم * تلهب كاللهب الموهج غداة لقيناكم في الحديد * كأسد البراح فلم تعنج بكل مجلِّحة كالعقاب * وأجرد ذي ميعة مسرج فدسناهم ثم حتى انثنوا * سوى زاهق النفس أو محرج قال ابن هشام : وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لضرار . وقول كعب ذي النور والمنهج عن أبي زيد الأنصاري .
|